
كتب/ فتحي أبو العلا:
بعد أن مللنا من الحديث حول مشكلات ومعوقات لعبة كرة القدم والعجز المالي الذي تعاني منه الأندية ومشكلة الاحتراف المبطن للاعبين وسوق الانتقالات الذي يتسع مع كل موسم دون ضوابط إدارية أو مالية واختلاط لوائح الاحتراف مع لوائح الهواة وتصميم إدارات الأندية على التكيف مع كل هذه المعوقات وعدم البحث عن حلول خلال فترة الاستراحة الموسمية والبدء بالشكوى والتهديد بعد انطلاق الموسم.
فقد وجدت من الضرورة أن نتعايش معهم لكن ليس على حساب المستوى الفني والإداري والأخلاقي للعبة كرة القدم لأن إدارات الأندية حمَّلت نفسها فوق طاقتها والتزمت بالدخول في سوق الانتقالات واجتهدت في التعاقد مع المدربين الحاصلين على الشهادات المعتمدة من الاتحاد إضافة إلى التعاقد مع مجموعة كبيرة من اللاعبين المحترفين رغم الأزمة المالية التي تعاني منها أنديتهم لأسباب معروفة تشمل الجميع.
حاولت أن أستخدم عنواناً لا يثير حفيظة المدربين لأن المستوى الفني يتعلق بالمدربين أساسا وهم يتحملون المسؤولية المباشرة عن المستوى الفني لفرق كرة القدم وهم الذين يتحملون المسؤولية عن عملية انضباط اللاعبين داخل الملعب بشكل مباشر وخارجه بشكل غير مباشر.
المدربين يتعاملون مع لاعبين محترفين يتقاضون مبالغ ماليه صغرت أو كبرت نظير لعبهم مع فرقهم وبالتالي هم يخضعون لسلطتهم المباشرة وتعليماتهم الفنية والإدارية ومن حقهم وواجبهم أن يراقبوا سلوك لاعبيهم ومدى التزامهم بتنفيذ تعليماتهم وخططهم التي بذلوا جهدًا كبيرًا ووقتًا طويلًا في التدريب عليها والعمل على إتقانها تحت ضغط المنافسين.
لكن وللأسف الشديد ما شاهدناه خلال المواسم الماضية وخاصة الموسم الأخير من تدني المستوى الفني والأخلاقي داخل المستطيل الأخضر وغياب تام للجمل التكتيكية والجمالية -إلا من رحم ربي-، وعدم وضوح الخطة الأساسية للفريق، واختلاط الحابل بالنابل في الدفاع والهجوم وإلغاء دور خط الوسط الذي يعتبر المهندس الحقيقي لتنفيذ الجمل التكتيكة الدفاعية والهجومية، علاوة على طغيان ظاهرة العشوائية وعدم الدقة في التمرير والاستلام التي تدل على عدم اتقان المهارات الأساسية للعبة.
إضافة إلى الكثير من الامور الفنية التي تحتاجها كرة القدم لتقديم وجبة دسمة للمشاهدين والجماهير الكروية التي تعشق كرة القدم وتلاحق فرقها في كل الميادين، شمالاً وجنوباً وتدخل في مشاحنات وعراك مع المنافسين لتعويض الخلل الفني والادري لفرقهم والتوجه لإلقاء اللوم على الحكام واتهامهم بالانحياز وعدم العدالة وادخال الاتحاد في دوامة العقوبات ونقل المباريات ولا يجدون من يواجههم بالحقيقة بأن فريقهم هزيل ولا يمتلك المقومات الأساسية لفريق كرة القدم، وأن مدربيهم -إلا من رحم ربي-، لا يقدمون شيئا للاعبين غير الإشراف على تجميعهم أيام التدريب الروتيني وإجراء الإحماء والجري حول الملعب وبعض التمرينات الروتينية المتعارف عليها والتي لا نرى تنفيذها في المباريات ثم يتم تقسيم اللاعبين الأساسيين مع لاعبين دكة الاحتياط الذين لا نري معظمهم داخل الملعب إلا في حالات الطواري وكأن مهمتهم استكمال العدد للتدريب.
أما في المباريات يبدأ بالصراخ تارة على اللاعبين وتارة على الحكام ناهيك عن الاحتجاجات على قرارات الحكم المؤثرة والغير مؤثرة ليكونوا سبباً مباشراً لإثارة شغب الجماهير المستفزة أصلاً من أداء فريقها ولكنها تصب جام غضبها على المنافسين والحكام والآخرين.
علماً أن جميع مدربينا حاصلين على الشهادة الآسيوية A أو B التي تؤهلهم نظرياً وعملياً لإعداد فريق على مستوى عالي من المهارات الفنية الفردية والجماعية ووضع الخطط التي تناسب إمكانيات لاعبيهم وقدراتهم الفنية والبدنية.
على أرض الواقع لا تظهر لمساتهم وقدراتهم كما ينبغي أن تكون ولا نشاهد تطورات حقيقية على المستوى الفني والاخلاقي للفرق التي يتحملون مسؤوليتها، فهل حقيقة هم مقصرون أم يقعون تحت ضغط الجماهير وإدارات الأندية، أم حفاظاً على مرتباتهم أم تطاردهم لعنة الإقالة في حالة الخسارة أم ليس لديهم أيام كافية للتدريب، أم طبيعة لاعبينا غير قابلة للتطوير، أم تنعكس عليهم أزمات الأندية المالية والإدارية، أم لديهم مشكلاتهم ومعوقاتهم الخاصة التي جعلتهم يلقون شهاداتهم وخبراتهم وراء ظهورهم، فيلعبون للفوز بأي طريقة بغض النظر عن المستوى الفني والشكل الجمالي للعبة كرة القدم .. !!! الله أعلم!!!.